top of page

العرض

الأول

١٩٨٥

الهمجي

يدخل الملائكة والشياطين في مناظره فكريه حول سؤال: هل تقدم الإنسان حقا أم لازال همجيا كالحيوان ؟ وتشرك المسرحية المشاهد في المناظرة، فلا يملك ان يقف موقف المتفرج لأن السؤال يلح عليه طوال عرضها.

لن تمتهن إلا إذا تلهفت
ولن تحتقر إلا إذا توسلت
ولن تموت إلا إذا انبطحت أرضاً وزحفت

أغنية يا إنسان العصر

تأليف: لينين الرملي‎

الحان: محمد هلال

يا إنسان العصر، يا سيد هذا الكون، عمرك بلغ مليون، وأمجادك.. تفوق الحصر وبعد برد، وضنا وحرمان، لبست وسكنت وشبعت وحطيت كمان برفان والآن.. معادش لك حجة بإن الشيطان أقوى، ماعادش لك عذر الآن.. إتقدم، وهات برهان، يثبت إنك بحق لم تعد حيوان، وإنك تستحق، لقب إنسان

عن الهمجي بقلم لينين الرملي

 

كل مسرحية كتبتها كانت تخطر لي فكرتها بلا قصد أو بحث، بل كانت تقتحم رأسي كزائر يطرق بابي فجأة بلا موعد سابق، إلا هذه المسرحية،  فلأول مرة رحت أنا أبحث عن مسرحية، ومضي عام وأنا أواصل البحث بلا جدوى. كان عندي بعض الصور والخيالات والمواقف المتفرقة تبدو مبهمة ولا ترتبط ببعضها البعض، وكل فكرة أو صورة منها غير كافية لكتابة مسرحية طويلة. ورغم قلقي لم يكن عندي مشكلة، فلا يوجد مسرح بعد لفرقتي (استوديو ٨٠). وفجأة عرض علي ‏الفرقة مسرح يمكن أن نستأجره. لم يكن هناك فسحة كافية من الوقت قبل بداية الموسم. والوقت ضيق للغاية لعمل التدريبات، فما بالك والمسرحية غير موجودة، بل ولا فكرتها أصلا؟ وبالتالي لم يكن هناك أي مبرر لاستئجار المسرح، لكنني اتخذت القرار فورا بأن نستأجره أولا ثم تأتي المسرحية! كانت مخاطرة أقدمت عليها وأصبحت المسئول الوحيد عنها. وبأعصاب باردة جمعت شتات الأفكار والصور أمامي وقلت سأكتب مسرحية. وكأني عثرت علي كلمة السر، وجدتها تقتحم رأسي، وأصبحت خطة المسرحية واضحة. ‏كل هذه الصور هي تجارب مختلفة يدخلها الإنسان فيحقق إنسانيته التي ينشدها أو يدعيها.

وسؤالها الواضح: ألا يعلم الإنسان منذ القدم بالوصايا التي تجمع عليها كل الأديان؟ فلماذا يسقط كلما تعرض لتجربة؟

في العادة آخذ وقتي في الكتابة. وتمر الشهور والأعوام فأكتب أو أتوقف ‏الخ.

إلا هذه المسرحية التي لم أملك ‏معها ترف أن أتأمل طويلا وأكتبها وأراجعها ثم أضمها في مجلد.

رحت أكتب المشهد في عدة أيام ثم نبدأ التدريبات عليه فأضيف إليها أو أحذف أو أغير بعض سطورها أثناء التدريبات نفسها، ثم أعود لأنام وأصبح لأبدأ كتابة المشهد الثاني، فالثالث الخ، حتى كتبت مشهد النهاية، وبدأنا العرض في موعد لا بأس به.

المسرحية شيء يكتب. لكنه أيضا شيء يصنع. ‏بل ‏إن ‏الترجمة الحقيقية لكلمة مؤلف مسرحي بالإنجليزية وهي: Playwright ‏لا تعني "كاتب" مسرح بقدر ما تعني "صانع" مسرح.

في أحد مواقف هذه المسرحية لم ‏تستطع ممثلة دور الشخصية الأجنبية أداء الدور كغانية لعوب، وأصبحنا أمام مشكلة، فمن ناحية أحزنني استسلام الممثلة وإعلان فشلها بنفسها مع توابعه النفسية عليها، ‏ومن ناحية لم يكن هناك وقت لختار غيرها ونبدأ معها من جديد.

فجأة فكرت في تغيير تصوري للشخصية، وبدلا من كونها غانية تقصد أغراء آدم جعلتها علي العكس تأمره بخشونة أن يقبلها لنكتشف بعدها أن دافعها هو رغبتها في الانتقام من خطيبها الذي خانها بأن تخونه مع أي رجل وبدون رغبة حقيقية. رحت أغير السطور في النص مستندا علي حافة خشبة المسرح و تركت لمساعد المخرج أن يسجل الحوار الذي كان يخطر لي أثناء التدريب. أحكي ذلك لأقول أنني اكتشفت بعد قليل أن هذا التصوير المغاير للشخصية وتلك الحبكة المختلفة هي الأفضل دراميا وفكريا بل وكوميديا.

قد تبدو "الهمجي" بهذا أسرع مسرحية كتبتها، لكن ‏ذلك غير حقيقي إذا حسبنا الصور والأفكار الخيالات والمواقف التي رحت أقلبها في رأسي عاما كاملا.

بهذه المناسبة كان هناك مشهدا ضمن المسرحية باسم (الطمع) وكان مدته ربع ساعة تقريبا. وعرض بالفعل لعدة أيام ثم تململ منه محمد صبحي وطلب مني أن يحذف، فوافقت فورا وبعد سنوات طويلة طلب مني منتج لا أعرفه أن أعطيه سيناريو لفيلم كوميدي. فرجعت لمشهد الطمع وطورت الأحداث وعرض المنتج السيناريو علي عادل إمام فوافق عليه بسرعة غير معهودة وكان هو فيلم (بخيت وعديلة) والتي صنعت منه ثلاثة أفلام بدلا من فيلم واحد!

bottom of page